- الغرباء -
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش
طوبي لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبره قدماه
إن كان في الساقة كان في الساقة وإن كان في الحراسة كان في الحراسة
وإن شفع لم يشفع وإن استأذن لم يؤذن له طوبى له ثم طوبى ] .
يقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى قسمين :
أهل الدنيا .. وهؤلاء عبيدها
بل يعبدون شيئاً بخساً وأمراً تافهاً
منها الدرهم والدينار والثوب ( الخميصة )
وهؤلاء يدعو عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالانتكاس والارتكاس
ففوق انتكاسهم بعبودية شهواتهم وارتكاسهم في حمأة رذائلهم
يدعو عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخسران والخيبة وبعدم إقامة عثراتهم إذا عقلوا
وكم من قتيل من أجل درهم أو متاع
هؤلاء عبيد الدنيا محرمون من الارتقاء إلى المعالي والصعود إلى القمم
يعيشون غارقين في ملذاتهم يتقلبون بين أعطاف النعيم
رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وأن يعيشوا عيش المستضعفين من النساء والولدان
لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلا .
ومقابل هذه الصورة
حملة المبادئ الذين غابت ملامح وجوههم وراء غبار المعركة
فشعرهم أشعث أغبر .. لباسهم بالية .. حفاة الأقدام .. خمص البطون
لا ينظرون إلى الدنيا ولا يتعلقون بحطامها .
فطعامه اليسير بما فيه كفايته ولباسه الحقير لما يستر به عورته
يكابد السهر ليقطع عنه شدة آلام السهر وقلبه معلق في الملأ الأعلى
يتحمل الأذى صابر على البلوى
يأكل ليعيش .. ولا يعيش ليأكل .
همه كله نصرة هذا الدين وقلبه مشغول بعزة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
كأنه يسمع صوت منادي الرحمن وهو ينادي بالتخفف من الدنيا
كما جاء في الحديث عن أبي الدرداء مرفوعاً :
[ ما طلعت شمس قط إلا وبجنبيها ملكان يناديان
يسمعان من على الأرض غير الثقلين
أيها الناس هلموا إلى ربكم ما قل وكفى خير مما كثر وألهي
ولا غربت إلا وبجنبيها ملكان يناديان
اللهم أعط منفقاً خلفا وأعط ممسكاً تلفا ] .
هؤلاء الأخفياء الذين لا يعرفهم أحد ..
هم حملة هذا الدين ومن رفعوا لواءه
بهم تحمى الذمار وتصان البيضة وتحفظ الأعراض
وتعيش الأجيال هانئة مطمئنة على أموالها وأعراضها
هؤلاء هم مصابيح الهدى ..
هؤلاء كل منهم آخذ بعنان فرسه
كلماً سمع هيعة طار إليها يطلب الموت مظنته
صدروهم كالمراجل تغلي حرقة على هذا الدين
وعيونهم لا تجف عبرتها حزناً على حال المسلمين
فانطلقوا متخففين من حطام الدنيا لعلهم ينصرون هذا الدين
ويكف الله بهم بأس الكافرين
{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً}
سمعوا أنات الإسلام الجريح فاستجابوا علهم يداوون الجراح
فطوبى لكم