أصوات قلقة تنطلق في الاونة الاخيرة في المقاطعة في رام الله. مسؤولو السلطة وفتح يتحدثون علنا عن نهاية عهد اذا ما تحققت الصفقة لتحرير جلعاد شليت. وبنظرهم، فان استكمال الصفقة سيؤدي الى انتخابات مبكرة في المناطق تفوز فيها حماس مرة اخرى، ولكن هذه المرة في الانتخابات للرئاسة ايضا. اسرائيل من ناحيتها ستضطر الى التصدي لسلطة فلسطينية في الضفة وفي غزة تحكمها حماس.
وعلى الرغم من حالة النشوة في اسرائيل في اعقاب العملية في غزة، في الجانب الفلسطيني، حسب الاستطلاع، تعد الحملة الاسرائيلية انتصارا لحماس (46.7 في المائة ادعوا بان حماس انتصرت، 9.8 في المائة قالوا انها اسرائيل). ولكن، البشائر السيئة اكثر من ناحية فتح ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) هي الانباء التي نشرت لاول مرة في "هآرتس" عن اختراق في الاتصالات لتحرير جلعاد شليت. المعنى الفوري لتحقيق الصفقة لتبادل شليت بسجناء فلسطينيين هو ان البرلمان الفلسطيني سيكون بوسعه العودة للانعقاد بحضور كل مندوبي حماس. بالنسبة لفتح فان هذا كابوس. سيكون لحماس اغلبية كبيرة في البرلمان بواسطتها يمكنها أن تعلن عن عدم شرعية حكومة سلام فياض. اضافة الى ذلك يمكن للحركة أن تسن قانونا يقرر بان ولاية ابو مازن انتهت في 9 كانون الثاني وبالتالي عليه أن يستقيل ويعلن عن انتخابات مبكرة.
لا يقين في ان يخرج هذا السيناريو الى حيز التنفيذ. مصر التي تقود الاتصالات لتحرير شليت ستحاول تلقي ضمانات من حماس الا تقود لمثل هذه الخطوة، ولكن شيئا لن يمنع الحركة من تحقيق الاغلبية التي لديها في المجلس التشريعي الفلسطيني.
عشية الحرب في غزة لم ترغب حماس في انتخابات مبكرة خشية فقدان حكمها، ولكن بعد تحقيق صفقة شليت و"الانتصار" على اسرائيل في غزة، فان التأييد للحركة من المتوقع أن يرتفع عاليا. الفلسطينيون، ولا سيما سكان الضفة، تابعوا بقلق في السنة والنصف الاخيرتين التعاون الامني المتوثق بين اجهزة الامن الفلسطينية وبين المخابرات والجيش الاسرائيلي. الوضع في الضفة تحسن من ناحية الامن الشخصي للسكان. ولكن السلطة يتواصل النظر اليها كذراع تنفيذي لحكومة اسرائيل دون تلقي مقابل مثل رفع الحواجز وتحرير سجناء "اياديهم ملطخة بالدماء".
صفقة شليت ستؤدي الى تحرير مئات السجناء الفلسطينيين، بينهم اولئك الذين حكم عليهم بالسجن المؤبد. وسيحظى الحدث بتغطية واسعة في وسائل الاعلام الفلسطينية، العربية والدولية وسيواصل مسيرة الانتصار لحماس التي بدأت في اليوم التالي لانهاء الحملة في غزة. الرسالة التي سيستوعبها الجمهور الفلسطيني، على نحو يشبه الشكل الذي فهم فيه فك الارتباط، هي ان طريق حماس "المقاومة" انجع من طريق السلطة الفلسطينية وعباس – طريق المفاوضات. اختطاف جنود اسرائيليين آخرين يعتبر منذ الان الطريق الانجع لتحرير السجناء.
في الصحافة العربية يذكر اسم مروان البرغوثي، قائد التنظيم، كأحد السجناء المرشحين للتحرير. الذي اعترض ابو مازن وطلب من اولمرت عدم الافراج عنه ولكن حتى البرغوثي، الذي يحظى بتأييد واسع بين الجمهور الفلسطيني، سيجد صعوبة في التحدي السياسي لسادة تحريره. الخطوة ستمنح فتح زعيما مستقبليا ولكنه لن يكون بوسعه وقف الانجراف في الرأي العام باتجاه حماس.