قال بنان الطّفيلي: دخلتُ يوماً على بعض بني هاشم فإذا أمامه لَوْزِينجَ من النَّشا وبياض البيض، حشوة اللوز المقشّر مع السكر والعسل الأبيض، ومندّى بالماورد، إذا أُدخِلَ الفم سُمِعَ له نَشِيش كَنَشيش الحديد إذا أخرجته من النار وغمستَه في الماء. فلم يزل يأكل ولا يطعمني.
فقلت: يا سيدي: "إنّ إلهَكُمْ لوَاحِدٌ". فأعطاني واحدة.
فقلت: "إذْ أرسلنا إليهم اثنين". فأعطاني ثانية.
فقلت: "فَعَزَّزْنَا بثالث". فأعطاني ثالثة.
فقلت: "فَخُذْ أربعةً من الطَّير فَصُرْهُنَّ إليك". فأعطاني رابعة.
فقلت: "خمسةٌ سادسُهم كلبُهم". فأعطاني خامسة.
فقلت: "خَلَق السموات والأرض في ستة أيام". فأعطاني سادسة.
فقلت: "سبع سمواتٍ طِباقاً". فأعطاني سابعة.
فقلت: "ثمانيةَ أزواجٍ من الضَّأن اثنين ومن المعز اثنين". فأعطاني ثامنة.
فقلت: "تسعةُ رَهْط يُفسِدون في الأرض". فأعطاني تاسعة.
فقلت: "تلك عَشَرةٌ كاملة". فأعطاني عاشرة.
فقلت: "يا أبَت إني رأيت أحَدَ عشر كوكباً". فأعطاني الحادي عشر.
فقلت: "إن عِدَّةَ الشهور عند الله اثنا عَشَر شهراً في كتاب الله". فأعطاني الثاني عشر.
فقلت: "إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبون مائتين". فقذف بالطبق إليّ
وقال: كُل يا ابنَ البغيضة!
فقلت: والله لئن لم تُعْطيِنِه لقُلتُ: "وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون"!
من كتاب "نثر الدّرّ" لمنصور بن الحسين الآبي.