'السبب لوجود الصرصار في قصة يجب أن يختلف عن السبب لوجوده في المطبخ'
ليونتير ويسل
لم يكن بيتي.
كانت طوكيو
وعتمة العاشرة والنصف، تقريبا.
والمطبخَ ،
لمستُ الزر،
كان جاثماً على حافّة المنضدة.
ديناصوري،
بسحنة داكنة،
صامتا ساكناً لا يُبْدِي حراكاً
أفرعه الرّيشيّة تترقب، كما يبدو،
لحركة قادمة وبصبر قاتل ينتظرني.
تمعن كل منا في الآخر.
ظل ساكنا،
لم أتحرك ، تابعته بصمت.
مرهقا من السفر ô
كنت
أشتهي نعاسي،
لكنَّ النوم بَدا بعيداً؛
مثلما كنت أنا بعيداً.
تفحصتهُ كما لو كانô. باليابانيّة.
'أبورا موشي' كان اسمُه،
عجباً.. ماذا تعنى 'أبورا'.. ؟؟،
فكلمةُ 'موشي' تعني حشرة،
أو 'دَسْتَة' من المعاني الأخرى، في اليابانيّة؟
مِثْلَ نوعٍ من الحِسَاء، مسلوقا وصافياً.
لكنه كان 'ساموراي'
مُصفحاً،
مُخوَّذَا،
متباهياً وفخورا.
واجَهْتُهُ بسذاجة،
خشيتُ أن يدفعني جانباً بسيفه
أو يقفزُ عَبْرَ المنضدة ô.
تناثر الغضب، في شعري المَعْرُوق.
كانت ليلة سبتمبريّة حارّةٌ ، و كذلك كنت أنا.
مرهقاً من السّفر. 'سَأنهي هذا الأمر'-
رائحة الخشب الكريهة تصيبني بالغثيان.
قلتُ لنفسي،
'مللت التخيلات'.
خَلَعْتُ نعلي ، وقذفتُهُ نَحْوَهُ.
انزلقَ من على المنضدة ، بقفزة في نعومة الوحل
عاد مسرعا منتحياً جانباً نحو الحوض.
قذفت نفسي تجاهَهُ
وسحقتُهُ بالنعل ، ثمَّ انحنيت.
تبعثرت قشوره. سالت دماؤه على خشب الأرضيّة
ارتعشَ باستهجان لم يكتمل،
سكن ، ثم مات.
مسَحْتُ نعلي بقطعة جريدة،
غسَلْتُ يديّ ، ثمَّ تلمَّسْتُ طريقي إلى السرير.
آه ..تلك قصتي، أو قصيدتي
رتلتها في تناغم كي أنهيها.
لكنô!!!
ما الصرصار؟ô..
وما القصيدة؟
ولم حُكِيَت القصّة؟ô
مَنْ يدري ؟!
الصّرصار في المطبخ حقيقة
والصرصار في القصة أكذوبة شاعر.
فالحشَرةُ كانتْ نبيلة، وصلبة.
إنما هو الكاتبُ يبعث الحياة في الأشياء الغامضة!
______________________________________________
* ولدَ الشّاعر أنتوني ثويت في تشيستر، بإنجلترا عام 1930. كاتب وشاعر و مذيع وناقد ومراجع وأكاديمي. عمل كمنتج لبرامج إذاعية في محطة البي بي سي، كَانَ محرّراً أدبياً لمجلة المستمعِ، عمل كأستاذ مساعد في الجامعة الليبية ببنغازي، عمل كمحرّر أدبي لمجلة النيو ستايتسمانِ، ومحرّر مشارك بمجلة انكاونتر الشهيرة. ترأس في عام 1986 لجنة التحكيم لجائزة بوكر للرواية.
أصدر ثويت عدة دوواين شعر مثل:
حقائق غير مرغوب فيها (1957)، البومة في الشجرةِ (1963)، أحجار الفراغِ: قصائد 1963-66 (1967)، الذي رَبحَ جائزةَ ريتشارد هيلاري التذكارية، نقوش (1973)، اعترافات جديدة (1974)، جزء للثعالبِ (1977)، وأصوات فيكتورية (1980). قصائد 1953-1988 نُشِرتْ في 1989، قصائدَ مختارة 1956-1996 في 1997 وبلاد مختلفة: قصائد جديدة في 2000. نشرت المجموعة الكاملة لأعماله في عام 2007