تقرير يدور حول:" الإسلام والعروبة من وجهة نظر حسين فضل الله"
من أبرز القضايا التي أثير حولها النقاش في هذه المرحلة العلاقة بين الاسلام من جهة والعروبة من جهة أخرى، فهل هنالك تناقض وصراع بين الاسلام والعروبة أم أن الاسلام والعروبة متلازمان ؟ ومن هنا ينطلق المفكرون المختلفون من تيارات سياسية فكرية متنوعة في تفسير هذه العلاقة، ومن هؤلاء المفكرون من يمثلون التيار الاسلامي وفي هذه الدراسة سيتم التركيز على رؤية محمد حسين فضل الله للعلاقة بين الاسلام والعروبة.
في هذا التقرير سأتعرض بداية الى الخلفية الثقافية للسيد محمد حسين فضل الله وذلك لما له من أهمية لتحليل موقف حسين فضل من القضايا المختلفة وبالتحديد قضية العلاقة بين الاسلام والعروبة، ومن ثم سأتعرض لموقف حسين فضل الله حول العلاقة بين الاسلام والعروبة.
النشأة والدراسة:
يعتبر الشيخ محمد حسين فضل الله من الشخصيات الأولى التي كان لزخمها العلمي دور في التربية الروحية والفكر ية للكثير من الكوادر التي أسست حزب الله، ويحظى باحترام بين أفراد الحزب رغم أنه لم يتول منصباً إدارياً تنظيمياً فيه.
الولادة:
ولد السيد محمد حسين فضل الله في النجف الأشرف – العراق في 19 شعبان 1354هجري الموافق 15-11-1935م، حيث كان والده آية الله السيد عبد الرؤوف فضل الله قد هاجر إليها لتلقّي العلوم الدينية وأمضى مع أسرته فترات طويلة في الدرس والتدريس، ضمن الحاضرة العلمية الأبرز في العالم آنذاك..
الدراسة العلمية:
ترعرع السيد فضل الله في أحضان الحوزة العلمية الكبرى في النجف الأشرف، وبدأ دراسته للعلوم الدينية في سنّ مبكّرة جداً.. ففي حوالي التاسعة من عمره بدأ بالدراسة على والده، وتدرّج حتى نخرط في دروس الخارج في سنّ السادسة عشرة تقريباً، فحضر على كبار أساتذة الحوزة آنذاك، أمثال: المرجع الديني السيد أبو القاسم الخوئي، والمرجع الديني السيد محسن الحكيم، والسيد محمود الشاهرودي، والشيخ حسين الحلي (قدّهم)، وحضر درس الأسفار عند الملاّ صدرا البادكوبي.
من أهم مؤلفاته:
أهم ما ألف حسين فضل الله، كتابه الأول " أسلوب الدعوة في القرآن "،فقد سلكة فيه الأسلوب الموضوعي المنفتح في مسألة الحوار في القرآن. وهناك كتاب " الحوار في القران " ولعله من أفضل الكتب الموجودة في المكتبة الإسلامية بشأن هذا الموضوع. كما هناك كتاب " الإسلام ومنطق القوة "، وكتاب " خطوات على طريق الإسلام "، وكتاب " الحركة الإسلامية: هموم وقضايا ". وهناك تفسير قرآني حركي في 25جزءاً، صدر ونفذ في الأسواق، وفي الوقت الحالي يتم إعادة طباعته. وإن هذا التفسير فريد من بابه، فهو تفسير حديث منفتح على الحياة، يحاول أن يستوحي القرآن في الجانب الحركي الإسلامي في الواقع. وهو من الكتب المهمة جداً في هذا المجال. كما أن هناك ثلاثة دواوين شعر، هي: "قصائد لإسلام والحياة"؛ " يا ظلال الإسلام- رباعيات "؛ " على شاطىء الوجدان ".
فالعلامة محمد حسين فضل الله التزم بالخط الإسلامي الراديكالي وبالعمل الإسلامي الثوري، وكان لهذا صداه في صفوف الطائفة الشيعية ككل، ولدى حزب الله بخاصة التي تصاعدت عملياته النوعية في جنوب لبنان ضد العدو الصهيوني، أما حكايته مع حزب الله، يقول العلامة فضل الله " فأنا من أمة حزب الله "، " ألا أن حزب الله هو الغالبون ". وولكنني بالتحديد لست على علاقة بحزب الله من ناحية تنظيمية، إذ لا يخفي عليكم أن الكوادر الإسلامية المؤمنة في لبنان ارتأت تنظيم عملها في دائرة معينة لتغطية الفاعلية والتمكن، ولتبعده عن التشويش و الإستغلال وأنا وإياهم نعمل في إطار واحد، ولكن في دائرتين مختلفتين تكملان بعضهما، والهدف هو إقامة دولة إسلامية، تحكم بما أنزل الله، وإن كنت لا أرى ذلك متيسراً في لبنان، في المستقبل المنظور، إذ لا يزال الإسلام ينظر إليه من بقية الطوائف اللبنانية من منظار طائفي، والإسلام الذي نريده ونطرحه أبعد ما يكون عن الطائفية إنه النظام الإنساني الأممي، وهذه الفكرة بالذات يلزمها الكثير من العمل للتوضيح ".
إن فضل الله يقول" أنا أعتقد أن نشأتي الفكرية الإسلامية إنطلقت من عدة عناصر: فهناك العنصر الذي يمثل الجو الديني العام في النجف؛ وهناك العنصر المتمثل في القراءات المتنوعة الحديثة، بالإضافة إلى القراءات الإسلامية الحديثة؛ وهناك الواقع السياسي الذي عشناه في العراق، بالإضافة إلى متابعة المتغيرات التي حدثت منذ ولادة إسرائيل في فلسطين، ومنذ الثورة المصرية والانقلابات التي حدثت في العراق وفي العالم العربي".
الإسلام والعروبة:-
يقول حسين فضل الله أن هناك نظرة إلى القومية العربية أنها حالة إنسانية يعيش فيها الإنسان العربي إحساسه بعروبته، التي تنفتح على الإنسان العربي الآخر انفتاحاً شعورياً وعملياً من خلال ارتباطه به في عاداته وتقاليده ولغته وتاريخه، ومن خلال ارتباط قضاياه بقضاياه ومصيره بمصيره، ليعمل على أساس أن يوحد هؤلاء الناس الذين يعيشون حال الارتباط الإنساني بخصوصية إنسانية معينة، وحال الارتباط المصيري في الواقع السياسي والاقتصادي والأمني، وما إلى ذلك.
ويؤكد فضل الله أنه عندما نعيش عروبة بهذا الشكل فإن العروبة لا تنافي الإسلام، لأن الإسلام يمثل حالة إنسانية شاملة تعترف بخصوصيات الإنسان وتنوعاته: ( وجعلناكم شعوباً وقبائل ) سورة الحجرات، الآية 13. فالإسلام لا يرفض أن تتحسس عروبتك كخصوصية إنسانية لها عناصر معينة لتكون نافذة تطل على قومية أخرى، وعلى إنسان آخر. والإسلام يقول لك: إنني أقدم برنامجي للحياة على مستوى العقيدة والفكر والواقع للناس كافة، ومنهم العرب. لذلك، لا أجد أي نوع من أنواع التضاد بين القومية والإسلام. إن القوميين يتحدثون عن وجود مسيحي يمنعهم من أن يطرحوا الإسلام.
كما ويتطرق فضل الله الى التاريخ العربي الاسلامي فيقول لكننا نتصور أن العرب كانوا موحّدين في التاريخ على أساس الإسلام، مع وجود الأقليات المسيحية واليهودية. لم يعش العرب وحدة في واقعهم كما عاشوا الوحدة في تاريخهم. لقد كانت الخلافة هي الإطار الذي وحّد العرب في دائرتهم، كما وحّد غيرهم معهم. إنني أعتبر أن القومية إطار، والإسلام مضمون هذا الإطار. وقد قال ميشال عفلق كلمة رائدة في هذا المجال، بغض النظر عما كان يقصد بها: " العروبة جسم روحه الإسلام". إنك لا تستطيع أن تفصل التاريخ العربي عن التاريخ الإسلامي. كما أنك لا تستطيع أن تفصل التاريخ الإسلامي عن التاريخ العام. إننا نعتقد أن الأمة العربية أعطت الإسلام، في حركته الواقعية، كثيراً من عناصر القوة. كما أن الإسلام أعطاها العناصر الحيوية. لذلك، هناك تداخل بين العروبة والإسلام. أمّا إذا فهمنا القومية كحركة، كأيديولوجية تأخذ بالماركسية تارة وبالاشتراكية تارة ثانية وبالوجودية تارة ثالثة، بطريقة أو بأخرى، فإن القضية لا تكون قضية علاقة القومية العربية بالإسلام، وإنما تكون علاقة الماركسية التي تحملها القومية العربية في داخلها، أو علاقة الاشتراكية، أو علاقة الوجودية، بالإسلام؛ وما إلى ذلك من الأفكار الاقتصادية أو السياسية أو الفلسفية. لذلك، نحن نعتبر أن ليس هناك مشكلة بين العروبة كحالة إنسانية وبين الإسلام. قد نختلف فيما يفكر العروبيون فيه، وقد نختلف فيما يفكر الإسلاميون فيه، لأن هناك تنوعات في التفكير الإسلامي، كما أن هناك تنوعات في التفكير العروبي.
ومن هنا يؤكد فضل اللّه أن مسألة الاسلام والعروبةهي مسألة فكرية في خصوصيات العروبة والإسلام، ولا تكون مسألة العروبة والإسلام في طبيعة الخطوط العامة هنا وهناك. لذلك، عندما نحدد المصطلحات نستطيع أن نتفاهم ونجد الجسر الذي يربط بين العروبة والإسلام.
قائمة المصادر والمراجع
1. المدني، توفيق. أمل وحزب الله في حلبة المجابهات المحلية والأقليمية. دمشق: الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، 1999م.
2. سويد، محمود. الإسلام وفلسطين – حوار شامل مع السيد محمد حسين فضل الله. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1995م.
3. سويد ،محمود." السيد محمد حسين فضل الله". الدراسات الفلسطينية. العدد23. 1995م.ص93- ص121.
4. http://www.bayynat.org/www/arabic/sira
5. http://www.bintjbeil.com.A/fadlallah/html
6. http://www.fnoor.com/fn.htm