التقرير حول " مكيافيلي " للطالب احمد مفاجه - جامعة بيرزيت
يدور هذا التقرير حول أحد المفكرين السياسيين وهو مكيافيلي (1469-1527) حيث سأتطرق بداية إلى نبذة عن حياته ثم سأنتقل للحديث عن مختارات من كتاب المطارحات وأيضاً مختارات من كتاب الأمير.
ولد نيقولا مكيافيلي من عائلة عريقة عام 1469م في مدينة فلورنسا الإيطالية وخلال نشأته في هذه المدينة قدر لمكيافيلي أن يشهد تحولات أساسية في تركيبة النظام السياسي في فلورنسا. فقد انتقلت السلطة من عائلة مديتشي إلى سافونارولا، رجل الدين المستبد الذي حكم فلورنسا لمدة ثلاث سنوات سقط على إثرها فاسحاً المجال أمام قيام نظام جمهوري دام من عام 1498-1512م حيث عادت أسرة مديتشي للحكم. وأتيح له الحصول على منصب المستشار العام للدولة في فلورنسا الجمهورية عام 1498م. لقد كان هذا المنصب مهماً في حياة مكيافيلي، إذ سمح له أن يكون على صلة مباشرة بشؤون الدولة السياسية، الداخلية منها والخارجية.
هكذا كان مكيافيلي في مركز يؤهله لفهم خفايا سياسات الدول والتعبير عنها في مؤلفاته التي وضعها في التوسكاني بعد نفيه من خدمة آل مديتشي بعد اتهامه بالاشتراك بمؤامرة جمهورية للإطاحة بالأسرة الحاكمة. فاعتقل مع المتآمرين، ونزعت منه المسؤوليات، وأبعد عن وظيفته ليعيش في عزلة قسرية لمدة اثني عشر عاماً، إذ وسرعان ما توفي عام 1527م تاركاً وراءه إرثاً فكرياً قيماً مازال يعتبر من أهم ما وضع في تلك الفترة من الزمن.
من أهم هذه المؤلفات التي تركها مكيافيلي كتاب "الأمير" الذي وضع في العام 1513م، وتلاه كتاب "المطارحات" عام 1517م، والخطب أي "أحاديث عن كتب تيتوس ليفيوس العشر الأولى" و"فن الحرب" اللذان وضعهما في العام 1521م، وأخيراً مؤلفه "تاريخ فلورنسا" الذي تم نشره في عام 1525م.
مختارات من كتاب المطارحات:
يطرح مكيافيلي في هذا الكتاب عدة مواضيع من أهمها:
أنواع الحكومات ومن أي نوع كانت حكومة روما:
يبين مكيافيلي أن هنالك ست أنواع من الحكومات وهي الإمارة وحكم الطغيان وحكومة النبلاء وحكم القلة وحكومة الشعب والفوضى، ثلاثة منها سيئة وثلاثة منها حسنة في طبيعتها، ولكن في الوقت نفسه هذه الأشكال الثلاث الحسنة من السهل أن تتحول إلى الحكومات السيئة.
هذه الحكومات غير ثابتة حيث أنها سرعان ما تتحول إلى شكل آخر في حلقة، فالإمارة المنتخبة تتحول إلى إمارة ملكية وهنا يقبل هؤلاء الورثة على الشهوات والملذات على اختلاف أنواعها مما يولد كراهية الشعب لهم وهذا يؤدي إلى قيام الحكومات بأعمال عنف فتتحول إلى حكم الطغيان، وهذا الحكم يحمل في طياته مصدراً لسقوطه حيث المؤامرات والدسائس التي ينظمها أشخاص عرفوا بميولهم التحررية حيث تحمل الجماهير السلاح بتحريض من هؤلاء القادة الأقوياء ضد الأمراء وهنا تسقط حكومة الطغيان وتشكل حكومة يرأسها أولئك الذين تنظر إليهم على أنهم محرروها، وهؤلاء يحكمون طبقاً للقانون ولكن عندما ينتقل الحكم إلى أفراد ذريتهم الذين لا خبرة لهم بالحكم ولا يؤمنون بالعدالة، لذلك يلجأون إلى الطمع مما يحول حكومات النبلاء إلى حكومات القلة التي تهمل فيها الحقوق المدنية تمام الإهمال ولكن سرعان ما يبرز إنسان يستطيع بمساعدة الجماهير القضاء على هذه الحكومة، وهنا يظهر الشعب ميلاً واضحاً إلى عدم العودة إلى حكم الأمراء فيتجهون إلى نظام حكم الشعب "الديمقراطي" ويشكلونه بحيث يضمن عدم تركز السلطة في قلة أو في يد أمير. ولكن هذا النوع من الحكومات لا يحافظ على نفسه فترة طويلة خاصة بعد أن يكون الجيل الذي قام على تنظيم هذه الحكومة قد قضى نحبه وهنا تسود الفوضى ولا يظل احترام لا للفرد ولا للموظف الرسمي.
وسرعان ما تحل النتيجة المحتومة فتعود الإمارة إلى الحكم.....وهكذا وتعود الحلقة من جديد، ولكن يندر أن تعود نفس الحكومة إلى نفس الشكل من الحكم في المرة الثانية وذلك لأنه يندر أن تتمتع حكومة معينة بتلك الحيوية التي تضمن لها الصمود أمام جميع هذه التقلبات ولولا ذلك لظلت الحكومات تسير في تلك الحلقة المفرغة من التحول.
ومن هنا فإن جميع أشكال الحكم التي شرحت سابقاً ليست من النوع المرضي وذلك لأن عمر الحكومات الحسنة قصير ولأن حياة الحكومات السيئة مليئة بالشرور. لذلك تم البحث عن شكل جديد من الحكم يستطيع الصمود لفترة زمنية طويلة يتمثل في شكل من أشكال الحكم يشترك فيه الجميع بوجود حكم للنبلاء والأمراء في دولة واحدة. وهنا يطرح مكيافيلي أمثلة تدعم ذلك منها الحكم في مدينة إسبارطية، حيث أسند الحكم إلى الملوك والنبلاء وجمهرة الشعب، هذا الحكم يتميز بالقدرة على البقاء والهدوء والاستقرار.
مختارات من كتاب الأمير:
يطرح الكاتب في هذا الكتاب مجموعة من المواضيع تتعلق بالحاكم من أهمها:
كيفية قياس قوة الدول:
وهنا يطرح مكيافيلي تساؤلين وهما هل يتمتع الأمير بذلك المركز الذي يمكنه في حالة الحاجة من المحافظة على نفسه؟؟ وهل هو في حاجة دائمة إلى مساعدة الآخرين؟؟
فيقول مكيافيلي- أن الذين يستطيعون المحافظة على مراكزهم هم الأمراء الذين يمتلكون الكثير من الرجال والمال بحيث يستطيعون حشد جيش قوي وأيضاً الصمود في الميدان، أما الأمراء الذين بحاجة إلى المساعدة فهم الذين لا يستطيعون خوض المعارك ضد أعدائهم.
واجبات الأمير تجاه المتطوعة:
هنا يركز مكيافيلي على أن يكون الهدف الرئيسي للأمير هو الحرب وتنظيمها وطرقها لأنها الفن الذي يحتاجه من يتولى القيادة حيث أن هذه الوسيلة بداية تساعد أولئك الذين ولدوا أمراء على المحافظة على وجودهم وأيضاً مساعدة أبناء الشعب على الوصول إلى تلك المرتبة، فالأمير الذي يفكر بالترف واللهو أكثر من تفكيره بالسلاح يفقد إمارته. ومن هنا على الأمير أن لا يسمح لأفكاره بأن تذهب بعيداً عن الحرب وعليه في أيام السلم أن يكون اهتمامه بالحرب وأساليبها أكثر من اهتمامه بها في أيام الحرب وذلك من خلال طريقتين وهما العمل والدراسة. فمن ناحية العمل يتوجب على الأمير الإبقاء على جنوده في حالة من التدريب والنظام وأن يشغل وقته باستمرار بالصيد ويعود جسمه على المشاق وأن يدرس أثناء ذلك طبيعة البلاد،حيث أن معرفته هذه مجدية في جانبين:
أولاً: أن يعرف الإنسان كل شيء عن بلاده ويقرر أحسن السبل للدفاع عنها.
ثانياً: أن معرفته وتجاربه في منطقة واحدة تحمله على تفهم المناطق الأخرى بسهولة فهذا يساعده في تعلم كيف يجد عدوه وأين يقيم معسكره وكيف ينظم جيشه والخطط لمعاركه وغيرها من أمور الحرب.
وهنا يطرح مكيافيلي مثال على أحد الأمراء وهو أمير الآخيين فيلوبومين. الذي كان لا يفكر في وقت السلم إلا بالحرب.
أما بالنسبة إلى العقل، فعلى الأمير أن يقرأ التاريخ ويدرس أساليب الرجال البارزين في الحروب ويتعرف على أسباب انتصاراتهم وهزائمهم وذلك ليستفيد من أخطائهم فيتجنب الوقوع في الأخطاء التي تؤدي إلى الهزائم ويقلدهم في انتصاراتهم، ومن الأمثلة التاريخية على ذلك تقليد الإسكندر الكبير لأقيل وتقليد قيصر الإسكندر.
الأمور التي يستحق عليها الأمراء المديح أو اللوم
حيث يبين مكيافيلي أن من الصفات المحمودة في الأمير أن يتصف بجميع الصفات التي ترمز إلى الخير ولكن ونتيجة للأوضاع الإنسانية فإنه من المستحيل أن يمتلك نفس الإنسان جميع الصفات الحسنة، لذلك من الضروري أن يتجنب الأمير الفضائح المترتبة على المثالب وأن يمارس المثالب دون أي تشهير إذا لم يتمكن من التخلي عنها وعليه في نفس الوقت أن لا يكترث بوقوع التشهير بالنسبة إلى بعض المثالب إذا رأى أن لا سبيل له إلى الاحتفاظ بالدولة بدونها. فهنالك بعض الأشياء التي تبدو كفضائل تؤدي إذا اتبعت إلى دمار الإنسان بينما هنالك أشياء أخرى تبدو كرذائل لكنها تؤدي إلى سعادة وطمأنينة الإنسان.
صفتي السخاء والبخل:
السخاء والكرم تعتبر من الفضائل ولكن على الأمير أن لا يتفاعل وأن لا يستنزف أمواله في سبيل الكرم وبالتالي يجد نفسه مضطراً إذا أراد الاحتفاظ بشهرته في السخاء إلى فرض الضرائب الباهضة وبالتالي كراهية الشعب لهم وبالتالي يضر بالكثيرين ويتعرض للخطر وإذا ما أدرك الأمير ذلك ورغب في تغيير نظام معاملته اتهم بالشح.
وفي الوقت نفسه سيراه شعبه في هذه الحال أكثر سخاء مما كانوا يظنون عندما يقوم بالمشاريع ولا يرهق شعبة بالضرائب ويؤمن وسائل الدفاع وبذلك يكون كريماً مع هؤلاء الذي لا يأخذ منهم أموالهم وهم الأغلبية، وبخيلاً مع هؤلاء الذين لا يهمهم أمواله وهم قلة.
فعل الأمير أن لا يكثرت إذا اشتهر بالبخل إذا رغب في تجنب سرقة شعبه وان يكون قادر على الدفاع عنهم فالشح أحد الرذائل التي تمكنه من أن يحكم وليس هنالك ما هو أشد ضرراً على الأمير من الكرم. فمن الأفضل أن يكون الأمير بخيلاً حيث يعرضه ذلك للتحقير دون الكراهية، على أن يكون كريم الأمر الذي يعرضه للتحقير والكراهية معاً.
الرأفة والقسوة في الأمير وهل من الخير أن يكون محبوباً أو مهاباً:
على الأمير أن لا يكثرت بوصمه بتهمة القسوة إذا كان في ذلك ما يؤدي إلى وحدة رعاياه وولائهم وخاصة الأمير في بداية عهده وذلك حتى يرهبه عدوه، وكذلك من الأفضل أن يخافوك الناس على أن يحبوك، فالناس مراءون، هم إلى جانبك طالما أنك تفيدهم والعكس صحيح.
فالناس يحبون تبعاً لأهوائهم وأرادتهم الخاصة ولكنهم يخافون وفقاً لأهواء الأمير وإرادته والأمير العاقل هو الذي يعتمد على ما يقع تحت سلطانه لا تحت سلطان الآخرين.
كيف يتوجب على الأمير أن يحافظ على عهوده:
يبين مكيافيلي أن تجارب العصر أثبتت أن الأمراء الذين قاموا بجلائل الأعمال لم يكونوا أكثر اهتمام بعهودهم والوفاء بها وتمكنوا بالمكر والدهاء من الضحك على عقول الناس. بحيث يبين مكيافيلي أن هنالك سبيلين للقتال، أحدهما بواسطة القانون والآخر عن طريق القوة، ويلجأ البشر إلى السبيل الأول و الحيوانات تلجأ إلى السبيل الثاني ولكن لما كانت الطريقة الأولى غير كافية لتحقيق الأهداف عادة، فإن على الإنسان أن يلجأ تبعاً لذلك إلى الطريقة الثانية، فالأمير عليه أن يتعلم الطريقتين الإنسانية والحيوانية وأن إحداهما لا يمكن أن تعيش بدون الأخرى. فعلى الحاكم المتبصر أن لا يحافظ على وعوده. وأن الأسباب التي حملته على إعطاء هذا الوعد لم تعد قائمة.
ولكن الضرورة تحتم على الأمير الذي يتصف بهذه الصفة أن يجيد إخفاءها عن الناس وأن يكون مداهناً كبيراً، ومرائياً عظيماً.
كيف يعمل الأمير لاكتساب الشهرة:
على الأمير أن يقدم المكافآت لكل من يعمل في هذه الحقول، ولكل من يسعى بمختلف السبل لتحسين مدينته أو دولته وبالإضافة إلى كل ذلك عليه في الفصول المناسبة من السنة أن يشغل الشعب بالأعياد ومختلف العروض المسرحية ولما كانت المدينة مجزأة إما إلى نقابات أو طبقات، فعليه أن يهتم بجميع هذه المجموعات وأن يختلط بأفرادها من وقت لأخر وأن يقدم لهم مثلاً على إنسانية وجوده محتفظاً دائماً بجلال منصبه ووقار مكانته.
كيفية الإعراض عن المنافقين:
على الأمير أن يقبل النصيحة دائماً ولكن عندما يريد هو، لا عندما يريد الآخرون وعليه أن لا يشجع مطلقاً المحاولات لإسداء النصيحة له إلا إذا طلبها، فالمشورة الحكيمة بينما كانت يجب أن تكون خاضعة لحكم الأمير للمشورات التي تقدم إليه مهما كانت صادقة. وهكذا يستطيع الأمير أن يبتعد عن المنافقين.
أثر القدر في الشؤون الإنسانية وطرق مقاومته:
يرى مكيافيلي أن الحظ يتبدل والناس يبقون ثابتين على أساليبهم، وهم ينجحون طالما أن أساليبهم تتوافق مع الظروف، أما عندما تتعارض فإن الفشل سيكون من نصيبهم وهو يعتقد أن التهور أفضل من الحذر لأن الحظ كالمرأة فأن أردت أن تسيطر عليها، فعليك بالقوة أن تفوز بها والحظ في ذلك شأنه شأن المرأة يميل دائماً إلى الشباب، لأنهم أقل حذراً وأكثر ضراوة وجرأة.